الرئيسية / السيرة النبوية / ذِكْـرُ سَـرْدِ النّسَـبِ الـزْكِـيِّ

ذِكْـرُ سَـرْدِ النّسَـبِ الـزْكِـيِّ

أ-قال أبو محمد عبد الملك بن هشام:
هذا كتاب سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال : محمد بن عبد الله بن عبد المُطلب – واسم عبد المطلب شَيْبَةُ – بن هشام – واسم هشام عمرو – بن عبد مَناف – واسم عبد مَناف المُغِيرَةُ – بن قُصَيٍّ – واسمُ قُصَيٍّ زَيْدٌُُ – بن كلاب بن مُرّة بن كَعْب بن لُؤَيٍّ بن غالب بن فِهْر بن مالك بن النَّضْر بن كِنَانَةَ بن خُزَيْمَةَ بن مُدْرِكَةَ – واسم مُدْرِكَةَ عامر- بن إلْياس بن مُضَربن نِزار بن مَعَدٍّ بن عَدْنان… بن إسماعيل بن إبراهيم خليلِ الرحمن.


ب – مما يستفاد من النص :
1- إن اسم “الله” جل جلاله كان معروفا في الجاهلية : (عبد الله).
2- إن الله جل جلاله كان يعظم في الجاهلية تعظيما يسوى فيه معه سواه من السادة والكبراء؛ ولذلك قيل : (عبد الله، عبد المطلب، عبد مناف). وغير بعيد من ذلك في زماننا التسمية ب : (عبد النبي وعبد الحسين…). فليتنبه.
3- إن صلب جهل الجاهلية القرشية بناء على ما تقدم -لم يكن هو انكار وجود الله، ولا نفي عدد من صفات الله وأفعال الله؛ قال تعالى : {ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن : الله} – وإنما هو عدم إخلاص العبادة والدين لله، باتخاذ أنداد وشركاء له تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
فليفقه هذا الجَحَدَة من النابتة قياسا على أهل الجاهلية أيهم أجهل.
{قل أفغير الله تامروني أعبد أيها الجاهلون}
وليفقه هذا الجهلة والظالمون لأنفسهم من الورثة ممن لا {يومن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون}.
4- إن النسب الزكي والعراقة في الصلاح والخير من أكبر المرشحات والمعينات للصالح الخَيِّر على حمل الخير والدعوة إلى الخير. فلتُخْتَرْ -بعد الصلاح- المعادن والمنابت والأصول. وإلا فلا ينال عهْد الله الظالمين كما قال الله تعالى.


ج- قال ابن اسحاق : وكان عبد الله -فيما يزعمون- أَحَبَّ وَلَدِ عبد المطلب اليه… فخرج به عبد المطلب حتى أَتَى به وَهْبَ بن عبد مَناف بن زُهْرَةَ بن كِلاب بن مُرَّة بن كَعْب بن لُؤَيّ بن غالب بن فِهْر، وهو يومئذ سيد بني زُهْرَةَ نَسَباً وشَرَفاً، فزَوَّجه ابنتَه : آمنةَ بنتَ وَهْب، وهي يومئذ أفضل امرأة في قريش نسباً ومَوْضِعاً… ثم لم يَلْبَثْ عبد الله بن عبد المطلب : أَبُو رسول الله صلى الله عليه وسلم، أَنْ هَلَكَ، وأُمُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حامِلٌ به.


د- مما يستفاد من النص :
1- أَنَّ أَبَوَيْ رسول الله صلى الله عليه وسلم غُصْنان زكيّان من نفس دَوْحَة النسب الزكيّ، يلتقيان في الجد الرابع من جهة الأب : (عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مَناف بن قُصَيِّ بن كِلاب بن مرة) والثالث من جهة الأم (آمنة بنت وَهْب بن عبد مَناف بن زُهْرة بن كِلاب بن مرة) وما أحسنَ أَن يَزْكُوَ الأصلُ من جهتيه!
2- أن تَخَيُّر الأفضل للافضل من أحسن ما يُفْعَل : (أفضل أمرأة) ل(أحبّ وَلد)، وبذلك التخير أُمِرْنَا : >تَخَيَّروا لنطفكم
3- أَن الزواج كله قد تختصر رسالته كلها أحيانا في حالة إنجاب، لكن لِكَوْكَبِ دُرِّيّ قد تصير به الأرضُ غَيْرَ الأرضِ : (ثم لم يَلْبَثْ عبد الله…أن هلك..)
4- أَن الفُقْدَانَ المبكّر للأب لا يعني أَن البِذْرَةَ المتروكة في باطن الأرض لن تَنْبُتَ فَتَغْلْظَ فتَسْتَويَ فتبلغَ أَشُدَّها فتُزْهِرَ وتُثْمِرَ كَأَيْنَعِ وأكمل ما يكون الإزهار والإثمار. ومن ثَمَّ فلا يَيْأَسَنَّ مِنْ رَوْحِ الله عز وجل المبتَلَوْنَ بمصيبة الموت التاركون أَو المتروكُ لهم ذُرِّيةً ضِعافاً خافوا عليهم، فكل شيء عنده بمقدار، وفي كل شيء له أسرار، وهو سبحانه الحكيم المنعم بكل سارٍّ، وهو بفضله ورحمته الحافظ السَّتَّارُ مِنْ كُلِّ ضَارٍّ.
5- ان المرأة زوجةً وأُمّاً هَي حاملة أثقال الجنس البشري؛ تحمل الحَمل -بفتح الحاء- وحدها في حياة الرجل، وتحمل الحِمل -بكسر الحاء- مع الرجل وتحملهما معاً (الحَمل والحِمل) بعد وفاة الرجل. ان رَحِمَها وَرَحْمَتَها المرحلةُ الأَساسُ في حياة ابن آدم : مرحلة التَّخَلُّق، مرحلة الخَلْق من بعد الخَلْق حتى يصير خَلْقاً آخر؛ قد نُفِخَ فيه الروح، وكُتِبَ رزقُه وأجله وعمله وشقي أو سعيد. أَلاَ فاستَوْصُوا بالنساء خيرا؛ فإنه ما أكرمهنَّ إلا كريم، وما أهانهنَّ إلا لئيم، وإنما الجنة تحت أقدام الأمهات.

الدكتور الشاهد البوشيخي

عن Alfetria